ثمانون في المئة من الشباب السعودي يصرفون نقودهم على ما يرغبون لا على ما يحتاجون.
نتيجة مربكة، أظهرتها دراسة شارك فيها ألف مواطن ومواطنة من الشباب والشابات من مناطق مختلفة، وبينت أن 75% منهم يعتقدون أنهم على دراية بأساسات إدارة الأموال، في حين أكدت الدراسة أن 11% فقط يقومون برصد إنفاقهم.
فمن المسؤول عن هذا الهدر؟
هل هو الشاب نفسه؟ قليل التجربة والوعي؟ أم التربية الوالدية التي تركت له الحبل على القارب، فسار خلفه رغباته فدعمت هذا الوجه بفعل أو كلمة أو إقرار؟
وتركت ولدها يتخبط دون استعداد يستعد ليوم قادم بإذن الله، حين يكون لديه أسرة وأولاد، يحتاجون إلى مأوى، وإلى تعليم، وإلى متطلبات تحولت من كمالات إلى ضرورات.
سهل أن نقول لماذا لدينا أزمة إسكان؟ ولماذا غالب المواطنين لا يملكون بيوتا؟
وسهل أن نلصق التقصير بسياسات وزارات الدولة المعنية، ولكن لماذا يملك كثير من أصحاب الدخول المتوسطة بيوتا؟ لماذا زميلي فلان تخرج قبل عَقد واحد فقط ويملك عمارتين؟ وزميلي فلان تخرج قبل عقدين ولا يملك بيتا لأولاده؟
أجزم بأن التدبير ـ بعد توفيق الله تعالى ـ وراء ذلك الإنجاز الفردي، والإخفاق وراءه ما كشفت عنه هذه الدراسة أيضا، فإن 45% ممن شملتهم الدراسة لا يوفرون المال على الإطلاق، بينما قال 20% أنهم يوفرون 10% فقط من دخلهم الشهري.
إدارة المال يتعودها الإنسان كما يتعود السلام والضيافة والنوم، ومن ينفق كل ما لديه فلا يلومن إلا نفسه إذا عاش طوال حياته على القروض الربوية المهلكة؛ من بنك إلى بنك، ومن محكمة إلى سجن.
لقد أظهرت نتائج الدراسة أن الهواتف النقالة والسفر يشكلان ما يقرب من 80% من أوجه الإنفاق، في الوقت الذي تستمر فيه ظاهرة اعتماد فئة الشباب على أولياء أمورهم لتمويل شراء الأشياء المكلفة، بنسبة 46% تقريبا، وهنا مكمن الخلل.
إن الشاب يمتلك طاقة كافية بأن يدرس ويعمل في الوقت نفسه، ويتفوق في كلا المجالين في وقت واحد، تلك طاقته، فإذا تعاملنا مع ضعف الوعي، وكسل الروح، ودعة النفس، فإننا سوف نسلم أولادنا وبناتنا لمستقبل مظلم.
لابد من وضع مصروف شهري يكفي احتياجات الولد الأساس، وأما رغباته فعليه هو أن يعمل ليستكمل المبالغ التي يحتاج إليها لتلبيتها.
بل عليه أن يتعلم أن يوفر ما لا يقل عن 20% من دخله، مهما كانت احتياجاته، وجميل لو أنه توجه إلى مشروع صغير، أو وظيفة محدودة الساعات (أربع ساعات مثلا) في محل تجاري، أو مؤسسة أهلية، أو نحو ذلك، مهما كان ثراء والديه، فكيف لوكانا محدودي الدخول.
لندع أولادنا يحسون بقيمة المال، ونوقفهم عند حدهم إذا صرفوه في غير وجهه، وبحزم الوالدين الحنونين، وإذا انتهى مصروفهم بسبب تصرفاتهم غير المسؤولة قبل نهاية الشهر، فعليهم أن يبقوا بقية الشهر بلا مال إلا للضرورات فقط، حتى يعيدوا النظر في أوجه صرفهم.
الكاتب: د. خالد بن سعود الحليبي
المصدر: موقع المستشار